تحضير درس السلم مفهومة وأحكامة ومشروعيتة
مفهوم السلم
هو : بيع سلعة - بيعا أجلا - وصفت في ذمة البائع وصفا يميزها عن غيرها بثمن يدفع في مجلس العقد، والسلم نوع مخصوص من السلف، ولذلك قد يسمى بالسلف .
مشروعية السلم :
وعقد السلم من عقود البيع المشروعة ، دل على جوازه الكتاب والسنة . قال تعالى : ( يَـٰأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِذَا تَدَا يَنتُم بِدَيْنِ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ ) [البقرة : ٢٨٢]
فقد قال فيها ابن عباس رضي الله عنهما : ( أشهد أن السلف المضمون إلى أجل مسمى قد أحله الله في كتابه وأذن به ) (۱) وقال النبي الله : ( من أسلف في شيء فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم ) (۲)
الحكمة من مشروعية السلم :
تعدد حاجات الناس يؤدي إلى تعدد العقود، وواقعية الشريعة الإسلامية تمنح المسلم المرونة والسبعة في تحقيق مصالحه والسلم صورة من صور المراعاة للمصلحة فقد شرعه الإسلام تسهيلاً لصاحب السلعة للحصول على النقود لينفق على نفسه وعلى مشاريعه، وتلبية لحاجة الراغب في السلعة وضمان حصوله عليها، فكما أجاز الإسلام بيع السلعة في الحال مع تأجيل ثمنها ، اجاز في هذا العقد بيع السلعة مع تاجيلها، وتعجيل ثمنها تيسيرا للناس.
أركان وشروط السلم :
للسلم أربعة أركان، ولكل ركن شروط نسردها فيما يأتي :
الأول : العاقدان ، ويشترط فيهما أهلية التصرف ( البلوغ ، والعقل ، والملك وحرية التصرف ) ، فلو كان كل منهما أو أحدهما غير بالغ ، أو مجنونا، أو غير مالك للسلعة المراد السلم فيها، أو كان محجورا عليه، فإن عقد السلم لا ينعقد .
الثاني: المسلم فيه ( السلعة ) ويشترط فيه :
١ - ان يكون في الذمة، ومعنى في الذمة أن تكون دينا على البائع يقوم بتسليمها عند حصولها، وإذا تلفت السلعة قبل تسليمها، فعلى البائع مثلها أو قيمتها إذا لم يتيسر المثل.
٢- ان يكون موصوفا وصفا واضحا يميزه عن غيره بأن يحدد المقدار والجنس والنوع فإذا اختلف الوصف - كان يتفقا على زبيب أسود فيحضر البائع زبيبا أبيضا فالمشتري بالخيارا إما أن يأخذ ما أحضر البائع أو يأخذ الثمن المدفوع.
٣ - ان يكون موعد تسليمها معلوما ، فإذا أخلف البائع الموعد المتفق عليه فا المشتري بالخيار، إما أن يأخذ السلعة ، أو يأخذ الثمن المدفوع.
الثالث : ( الثمن ) ، ويشترط فيه :
١- ان يكون معلوم الجنس نقداً - كان يكون ذهبا أو فضة أو ريالا أو ديناراً - أو سلعة - كان يكون قمحا أو شعيرا أو زبيبا أو ملحا . .. إلخ .
٢ - أن يكون معلوم القدر عدا ، أو وزنا ، أو كيلا.
٣ - أن يسلم في مجلس العقد
الرابع : الإيجاب والقبول، ويكون بأي صيغة تدل على السلم.
ما يجوز فيه السلم
كل ما يجوز بيعه من الأموال، والسلع المنقولة، وما يمكن ضبطه بالصفة، يجوز فيه السلم ، كالثياب والأجبان، والألبان، والقطن والحرير، كما يجوز في الحيوان، عن عمرو بن شعيب قال : أمر النبي الله عبد الله بن عمرو أن يجهز جيشا فقال : ليس عندنا ظهر ، فقال له النبي الله : ( ابتع لي ظهرا (۱) إلى خروج المصادق (۲)) . وأما الذي لا يجوز فيه السلم ، فمالا يمكن نقله، كالبيوت والعقارات والأراضي لاختلافها باختلاف البقاع والأمكنة، ومواصفات البناء، وصلاحية الزرع .
أمثلة تطبيقية على السلم:
١- ذهب تاجر الفواكه إلى صاحب مزرعة العلب قبل حلول موسم العنب، واتفقا على أن يدفع تاجر الفواكه لصاحب المزرعة مبلغ عشرين الف ريال في مجلس العقد على أن يقطف صاحب المزرعة لتاجر الفواكه مائتي كيلو من العنب الأسود عند حلول موسم قطف العنب، فالعاقدان في هذا المثال هما صاحب المزرعة وتاجر الفواكه، والمسلم فيه ( السلعة ) هي العنب وقد وصفت بأنها ( أسود ) وقدرت الكمية بمائتي كيلو ) ، وحدد موعد تسليم السلعة ( حلول موسم قطف العنب ) ، و ( الثمن ) حدد بـ ( عشرين ألف ريال ) ، فهو معلوم القدر عداً ( عشرين الف )، ومعلوم الجنس ( ريالاً ) .
٢ - مزارع يمتلك مزرعة زرع فيها قمحا، وقبل موسم الحصاد احتاج مبلغا من المال لينفق على نفسه وعلى مزرعته، فجاءه تاجر الحبوب ودفع له خمسين الف ريال مقابل أن يبيعه ثلاثين كيسا من القمح البلدي زنة كل كيس خمسون كيلو جراما، على أن يسلمها إليه في نهاية موسم الحصاد فالعاقدان هما : المزارع وتاجر الحبوب والمسلم فيه ( السلعة ) ( ثلاثون كيسا من القمح البلدي زنة كل كيس خمسون كيلو جراما ) والثمن ( خمسين ألف ريال ) ، وموعد التسليم نهاية موسم الحصاد.