ما هو الحجر وما حكمة وما السبابة الشرح والتوضيح
معنى الحجر
الحجر هو منع الإنسان من التصرف في ماله ببيع أو هبة ونحو ذلك، لسبب شرعي؛ مراعاة لمصلحته كالحجر على السفيه والصغير والمجنون ونحوه، أو المصلحة الغير كالحجر على المفلس حفاظاً على حق الدائنين
حكم الحجر :
والحجر مشروع بدلالة الكتاب والسنة .
فأما الكتاب فلقوله تعالى :
(وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِينَمَا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا ﴾ [النساء)
فمعنى الآية امنعوا السفيه من التصرف في ماله أو مال غيره ، إذا لم يكن قادرا على التصرف الحسن، وأنفقوا عليه منه بقدر حاجته حتى يرشد .
وأما السنة : فعمل الرسول صلى الله عليه وسلم ( إذ حجر النبي صلى الله عليه وسلم على معاذ ماله لما استغرقه الدين فباعه وسدد عنه حتى لم يبق المعاذ شيء ) (1) .
أسباب الحجر :
والحجر لا يقع على الإنسان إلا إذا توافرت فيه أحد أسباب الحجر ، وهي :
١ - الصغر : فالصغير الذي لم يبلغ سن الرشد يحجر عليه حفاظاً على ماله و لان تصرفاته المالية قد تسبب له ضرراً وخسارة .
و يستمر الحجر في حقه إلى الرشد بعد البلوغ ، قال تعالى :
(وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ ءَانَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَن يَكْبَرُوا ﴾ [النساء : ١٦
٢ - الجنون : فالمجنون يحجر عليه حتى يعود إليه عقله لكي لا يعبث بماله لقوله له : إن القلم رفع عن ثلاثة ، وفيه : ( وعن المجنون حتى يفيق (۲)
٣ - السفه : السفيه هو المتصرف في ماله بطريقة سيئة تضر بمصلحته أو مصلحة ورثته، فيحجر عليه بطلب من ورثته ، فيمنع من الهبة والبيع والشراء حتى يرشد ويرفع عنه القاضي حكم السفه .
٤ - المرض : والمقصود بالمرض الذي يخاف معه الهلاك، فيحجر عليه في التبرع بزيادة على الثلث أو التبرع بشيء لوارث، وذلك حفظاً لحق ذريته، ولقوله : ( إن الله أعطاكم ثلث أموالكم في آخر آجالكم زيادة في حسناتكم (۳). ولا حجر عليه فيما ينفعه في لذته من مطعم ومشرب وملبس وغير ذلك ، وكذلك في علاج وإن استغرق جميع ماله لأن منفعة نفسه مقدمة على الورثة .
٥ - الإفلاس : المفلس هو من كثرت ديونه بحيث لا يستطيع وفاءها بما يملك .
وحجر عليه القاضي بطلب من أصحاب الدين أو من بعضهم . ولا يطلق على المفلس معسراً لأن المعسر هو الذي لا يملك شيئاً من المال يحجر عليه به، قال تعالى : ( وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةً ﴾ [البقرة : ٢٨٠).
من يحق له الحجر :
يختلف الحجر بحسب نوع الحجر والمحجور عليهم : فإن كان من يستحق الحجر صبياً أو مجنوناً فالذي يحجر عليه وليه : الأب أو الجد ، أو وصيهما لقوله تعالى : ﴿ فَإِن كَانَ الَّذِى عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهَا أَوْضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَن يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ ﴾ [البقرة : ٢٨٢)
وإن كان من يستحق الحجر سفيها أو مفلساً فإن الحجر عليه لا يكون إلا من قبل القاضي إذا طلب الغرماء الحجر عليه ، والحديث معاذ السابق ذكره ولان عمر بن الخطاب رضي الله عنه حجر على أسيفع جهينة (1) .
ولا يُرفع الحجر على من حجر عليه القاضي إلا بحكم منه .
ما يترتب على الحجر :
يترتب على الحجر أربعة أمور :
۱ - تعلق حقوق الدائنين بعين المال المحجور عليه فيقسم بينهم المال كل حسب دينه لقوله : ( من لم يبلغ ما معه وفاء دينه خذوا ما وجدتم وليس لكم غير ذلك ) ( ٢ ) .
۲ - بطلان تصرف المحجور عليه في المال ؛ فلا يصح بيعه ولا هبته .
٣ - أن من وجد من الدائنين عين ماله فهو أحق به عن سائر الغرماء لقوله ﷺ : ( ومن أدرك متاعه بعينه عند إنسان قد أفلس فهو أحق به ) (۳) .
٤ - يحق للقاضي بيع مال المحجور عليه بالإفلاس الإيفاء الدائنين حقوقهم كما فعل ذلك! رسول الله الله مع معاذ رضي الله عنه ما عدى مسكنه ومركبه ولباسه وأكله وشرابه وآلة حرفته بما يليق بأمثاله ( ويرجع في تقدير المثلية إلى رأي القاضي نفسه ) .