تحليل درس توثيق العقود مفهومة، حكمة، فوائد
مفهوم التوثيق
هو تسجيل قضية ما بأي وسيلة من وسائل التوثيق المعروفة . ويقصد بالتوثيق في المعاملات كتابة العقد ، بحيث يقوم الأمين الشرعي، أومـ يرتضيه طرفا العقد بكتابة المتفق عليه ( موضوع العقد ) ، ثم يقوم الطفران أحدهما ، أو من ينوب عنهما بالمصادقة عليه لدى الجهات المختصة . مثل : توثيق عقد الزواج لدى وزارة العدل ، وتوثيق عقد بيع البيوت والعقارات في السجل العقاري ، وتوثيق عقود الشركات في وزارة التجارة .
حكم التوثيق :
الأصل في التوثيق - بمعنى كتابة العقد - الندب قال تعالى : { يَتَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَا يَنتُم بِدَيْنِ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ ﴾ (البقرة) إلى قوله تعالى: ﴿ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُم بَعْضًا فَلْيُودَ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَنَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ )
فالأمر ( اكتبوه ) صرف من الوجوب إلى الندب بقوله : ﴿ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُم بَعْضًا} إلا أن الحكم قد يتغير بتنوع العقود ، وأهمية التوثيق لإثبات الحقوق. لذلك ، فما يترتب على عدم توثيقه ضرر للطرفين أو لأحدهما، أو لطرف ثالث، أو وجد قانون يشترط التوثيق لإثبات الحقوق كعقد الزواج ، وعقود بيع وسائل النقل المختلفة، وعقود الإجارات، وعقود الصفقات التجارية؛ فإن التوثيق يكون - في مثل هذه الحالات - أكثر توكيدا، والمصادقة عليه لدى الجهات المختصة تبعا لذلك ؛ لأن عدم التوثيق لمثل هذه العقود قد ينتج عنه ضياع الحقوق وحصول النزاع ، وهذا ما ياباه الإسلام؛ لأن حفظ حقوق الخلق، وقطع وسائل النزاع بين الناس من الأمور التي شدد عليها .
كيفية الحصول على وثيقة سليمة :
وللحصول على وثيقة سليمة تؤدي الغرض منها ، لا بد أن يتوفر عند كتابتها ما يأتي :
١ - اتفاق طرفي العقد على محتوى الوثيقة ، فإن اختلفا لا يعتمد عليها ، فلو تعاقد شخصان على بيع سيارة ( يابانية ( الصنع ، ثم كتب أحدهما الوثيقة ، فكتب أن السيارة ( المانية ) الصنع ، فإن الوثيقة باطلة .
٢- أمانة الكاتب وعدالته، لقوله تعالى : ﴿ وَلْيَكْتُب بَّيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ ﴾ [البقرة : ۲۸۲ ] لان الكاتب غير الأمين قد يحدث منه التزوير في الوثيقة، والتزوير في الوثائق من أعظم البلايا التي أصيب بها المجتمع ؛ لما يسبب من ضياع الحقوق وذهابها إلى غير أهلها ، وظلم الناس بعضهم بعضا، وإن كتب أحدهما ورضي الآخر اعتمدت كتابته، ما لم يتضرر طرف ثالث .
٣ - الإشهاد على محتوى الوثيقة كان يشهد عليه شاهدان رجلان، او رجل وامراتان من أهل العدالة :
قال تعالى : ﴿ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِن رِّجَالِكُمْ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ ﴾ (البقرة (٢٨٢)
فوائد التوثيق :
ولتوثيق العقود فوائد متعددة لا يسع الناس الاستغناء عنها، وأهم تلك الفوائد ما يأتي :
١- المحافظة على الحقوق، وصيانتها مكتوبة ؛ لأن حفظها اعتمادا على حفظ الذاكرة لا يكفي؛ لما يصيب الإنسان من النسيان، أو فقدان الذاكرة، أو الموت! أو غير ذلك .
٢- سد أبواب الخداع، والنصب والاحتيال، فليس من السهل الخداع والنصب في ما هو مكتوب، في حين يسهل في ما ليس بمكتوب .
٣ - القضاء على مصادر النزاع، وسوء الظن بين الناس؛ لأن ذاكرة الإنسان قد تخونه فيظن أن ما بيد غيره هو له أو يظن أن ما ادعاه شريكه ليس صحيحا، فيدخل بينهما سوء الظن، لكن إذا كانت الحقوق موثقة بعلم الطرفين ، فلا مجال للاختلاف وسوء الظن بينهما .
٤ - تسهيل إجراءات التقاضي ، فكل قضية عرضت للقضاء، وفيها وثائق صحيحة أمكن للقاضي الفصل فيها بسهولة ويسر، بعكس الحال عند عدم وجود وثائق .
٥ - تيسير قسمة الحقوق بين الشركاء، فكلما كانت الحقوق المشتركة موثقة كان تقسيمها ميسرا .